الأحد، 14 أبريل 2013

مشروع "التغيير العربي" الذي إنتظره الشعب طويلا بين قطر والاخوان ...


كثيرة هي الاتهامات التي راجت خلال الاشهر الأخيرة والموجهة لدولة قطر، بتبني مشروع سري لتغيير الأنظمة العربية، باستخدام تقنيات الاعلام الحديث وسلاح قناة (الجزيرة) الفتاك.

وقد بقيت تلك (الاتهامات) مجرد (اتهامات) لأنها لم تعزز بالأدلة (الجرمية) الكافية لتحويل الاتهام الى حقيقة، والقاعدة الفقهية والقانونية تقول ان المتهم يبقى بريئاً حتى تثبت إدانته.
لكن الصحفي العربي السعودي، عبد العزيز الخميس، الذي سبق له ان عمل في صحيفة (الشرق الأوسط)، ورأس تحرير مجلة (المجلة) السعوديتين، له رأي اخر.
فالخميس يقدم ادلته الملموسة على تلك الاتهامات، مؤكداً ضلوع التنظيم العالمي لحركة الاخوان المسلمين في هذا المشروع الخطير.
ويبدو السياق الذي يتحدث عنه (الخميس) معقولاً الى حد كبير، ومنسجماً مع المساعي الأمريكية المبذولة منذ أكثر من عقد لـ (ترويض) حركة الاخوان المسلمين و (تشذيب) أفكارها وتقديمها بديلاً مناسباً لأنظمة الحكم العربية السائدة، استناداً الى جملة من الوقائع والحقائق.
وإذ تنشر (وجهات نظر) مقالة الكاتب السعودي، عبدالعزيز الخميس، فإنها تؤكد انها لاتتبنى ، بالضرورة، الأفكار الواردة فيها، وانما هي تعرضها، كـ (وجهة نظر) مهمة ينبغي دراستها والتفكير فيها بعناية فائقة.


..........

دور مشروع "مستقبل التغيير" القطري الأميركي في إشعال الثورات العربية



  
عبدالعزيز الخميس
 
في مطلع فبراير/شباط عام 2006 عقد في الدوحة "منتدى المستقبل" وسط اهتمام كبير من قبل الحكومتين القطرية والأميركية، وكان كاتب هذا الموضوع أحد المدعوين له.
في إحدى الردهات خرج الدكتور عبدالعزيز الدخيل، الاقتصادي السعودي المعروف بقوميته العربية المفرطة غاضباً. وفي توقف سريع للسلام عليه قال الدخيل أنه ذاهب ليلملم أغراضه من غرفته في الفندق وسيعود للرياض على أول طائرة.
ما هو السبب والمؤتمر في أول يوم له؟
كان رد الدخيل صارماً: هذا المنتدى ليس سوى حلقة نقاش وإعداد للمؤامرات من قبل المخابرات الأميركية.
لم يفت هذا التعليق على كاتب هذا السطور، وتم تعريضه للتمحيص في كل الحلقات النقاشية التي تم حضورها، حيث تبين أن الدخيل كانت لديه حاسة شم عالية، وأن هناك مشروعاً قطرياً أميركياً يعد على هدوء، قوامه التحفيز على الإصلاحات الديمقراطية، وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني.
في غرف مغلقة كانت كلمات مثل الديمقراطية، التغيير الواجب، التحفيز، التدريب، والعمل على دعم الراغبين في تغيير الانظمة، كلمات أصبحت من كثرة تداولها في أيام انعقاد المؤتمر أمراً لا يلفت الانتباه قدر حضه على التفكير عن كيفية تطبيق كل هذه المسميات الجميلة لدى أي راغب في الإصلاح.
كان بيل كلينتون وابنته يتنقلان من غرفة إلى أخرى حاملين معهما عبارات المجاملة والحض على الخروج بأفكار جيدة ومنتجة. وفي منتديات تبعت ذلك المنتدى بدت كونداليزا رايس أكثر رشاقة وهي تضع يديها على طاولات فندق الريتز القطري متسائلة: ماذا بعد؟
تطورت الأفكار سريعاً، وبدأ العمل جدياً، وإن كانت مهمة التغيير انحصرت في طرفين هما الولايات المتحدة وقطر. وبين لقاءات مستمرة وممانعة من قبل دول متعددة ومقاومة شرسة من دول أخرى، وضح أن هناك مشروعا للتغيير تمت صياغته في لقاءات متعددة ضمن "منتدى المستقبل" أو خارجه، بحضور مسؤولين ونشطاء لدول متعددة، أو فقط بحضور مسؤولين قطريين واميركيين.
بعد جهد طويل خرج ما يطلق عليه "مشروع مستقبل التغيير في العالم العربي" وتم توزيع المهام: قطر تعمل على جانب الاسلاميين، وأميركا على جانب أخر وهو الجانب المنفتح من الشباب الليبراليين.
هذا التعاون أثمر كثيرا في تحفيز الشباب على قيادة التغيير بإستعمال ادوات الإعلام الحديث والاتصال الالكتروني من فيسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها.
 
المهمة القطرية
بعد هذا النجاح الساحق لحركة 6 ابريل في التحشيد وقيادة التغيير في مصر، التفت الجميع إلى قوة الشباب الذي يبدو قريبا من الليبرالية في قيادة الثورات. لكن معظمهم لم يلتفت إلى جانب أخر، وهو أن الإخوان المسلمين الذين التحقوا جسديا بالثورة المصرية متأخرين، لم يكونوا كذلك في الواقع، بل أنهم كانوا قد بدأوا نشاطهم الشبابي للتغيير والتحشيد منذ عام 2006 وعبر مشاريع بالتضامن والتمويل القطري كما سيبدو لاحقا.
تضمنت المهمة القطرية مشروعين؛ الأول هو مشروع "النهضة" يديره القطري الدكتور جاسم سلطان، وهو رجل محنك ملتزم بتعاليم الإخوان المسلمين ومطبق لها.  
لكن ما يثير الإعجاب في شخصه هو قدرته على الإستقلال وعدم التبعية في التنفيذ، وإختراعه للخط القطري الإخواني الذي قد لا يصطدم مع خط الجماعة في المقطم، لكنه يستقل بل ويبدع في التنفيذ.
المشروع الثاني الذي تولتها المهمة القطرية هو "أكاديمية التغيير" عبر زوج ابنة الشيخ يوسف القرضاوي وهو منفذ مهم لما ينظر له ويضعه جاسم سلطان من خطوط فكرية ومنهج للتغيير والنهضة.
 
مشروع النهضة
ليست جديدة هي مشاريع النهضة، لكن الجديد هو مشاريع التثوير. 
بدأ الدكتور جاسم سلطان نشاطاته منذ وقت طويل، وهو إخواني قطري عرف عنه اهتمامه بالفكر النهضوي. لكن ما يعرف عنه سياسيا انه أصبح ضمن الالة السياسية القطرية بعد ان كان مستقلا في نشاطه الإخواني.

جاسم محمد سلطان
في عام 1999 حل الإخوان مجموعتهم ضمن اتفاق رضيت الدولة القطرية أن يكونوا ضمن نشاطاتها في مجالات متعددة. وبالطبع نشاطهم المحلي أصبح محدودا، لكن تم استعمال الحركة خارجيا كأدوات اتصال للحكومة القطرية في دول متعددة وضمن الاتفاق الذي تم في منتديات المستقبل.
لعب على رأس هذه الأدوات الدكتور جاسم سلطان دوراً مهماً دعاه لإنشاء مشروع "النهضة" والذي يهدف كما يقول إلى فك مشكلة اليأس والمساعدة على تحديد الأدوار وأولوياتها.
ويطالب سلطان الشباب بأن يكونوا مشروعاً نهضويا ًاو يصنعوا مشروعاً او يدعموا مشروعاً.
ويعتبر أن من أولويات المرحلة هي الفهم لأفكار النهضة الكبرى والتبسيط والتمرير للشباب.
ويمكننا رؤية أن مشروع النهضة يعتبر المنظر والمرجع لـ"أكاديمية التغيير" التي سنتطرق لها لاحقا، وكلاهما يكملان بعضا في مسيرة تحريك الشباب ودفعهم للتغيير والإحتجاج.
ويحاول المشروع الإخواني تفتيت ثوابت الأنظمة العربية، ولعل أهمها نقده لما يسميه سلسلة الخديعات في الاستقرار، الثقة، الرموز، الصورة التاريخية، والتضحية.
ويكيل المشروع اتهامات كثيرة وكبيرة للأنظمة دون ان يسميها، ويتمتع بحرية كبيرة في قطر حيث يعمل على التحشيد والتنفير ضد (ومن) الأنظمة.
الملاحظ أن مشروع النهضة يقبل لدولة مثل تركيا أو اليونان أو غيرها في ألا تضحي بمصالحها الخاصة من أجل مصالح الآخرين، لكنه يلوم دولاً عربية أن فعلت ما فعلته تركيا واليونان في مسائل متعلقة بالعلاقات الدولية كموضوع أساطيل الحرية أو حصار غزة.
في الموضوع المصري، يطالب المشروع عبر مشرعه جاسم سلطان المصريين التحشد لتحديد رئاسة الجمهورية ثم التحشد لنيل أكبر الحصص في البرلمان المقبل. ثم التحشد لوقف الانهيار الاقتصادي، ثم التحشد لوقف الانهيار الامني، وبعدها التحشد لوقف انهيار الوحدة الوطنية، لكنه لا يضع أولويات ونقطة بدء ثم تسلسل للحشود المقررة.
وفي سبيل خلق قادة يفهمون جيداً مشروع النهضة الممول من قطر بالتعاون من الإخوان، يتم تنظيم تدريبات وبرامج إعداد عبر الانترنت، تتضمن تعريف المتدربين بما هو المجتمع الناهض، وأطوار حركة النهضة ومسارات النهضة، ومتطلبات النهضة ومن اين تبدأ النهضة وما هي مفاتيح الأمل.
ويمكن معرفة كيف نجح مشروع النهضة في المساعدة في الثورة المصرية بمعرفة ان عبدالرحمن المنصور وهو من انشأ مجموعة "كلنا خالد سعيد" وأنه هو الذي دعا ليوم 25 يناير ليكون يوما للثورة المصرية، وأن الناشط وائل غنيم كان المسئول التقني في الصفحة وقد عارض منصور في اختيار ذلك اليوم ثم قبل به بعد ان اقنعه غنيم.
عبدالرحمن المنصور
برامج متعددة يقوم بها مشروع النهضة الإخواني بالتعاون مع "أكاديمية التغيير" وتتضمن تعاون مؤسسات إخوانية مثل "تنمية للدراسات والاستشارات".
ويستعمل الإخوان في تسهيل عملياتهم المالية بنك قطر الإسلامي حيث يتم تحويل الرسوم لحساب بنكي لـ"أكاديمية التغيير" وهي التي تتولى تنظيم التدريب إدارياً.
وينتظر ان يبدأ الإخوان النهضويون دورات مكثفة جديدة في نوفمبر المقبل، كما يملكون مشاريع مختلفة ليست فقط للكبار بل أيضا للصغار كمؤسسة تدريب المراهقين والتي تبدأ من عمر 12 الى 15 عاماً. ويساند ذلك مشروع بوابة الشباب للعمل النهضوي.
الملاحظ هو ان الإخوان في قطر كانوا يستخدمون المخيمات الدعوية في نشاطهم حيث ينصبونها في صحراء قطر ويجتذبون من أماكن عديدة أنصارهم ومريديهم لكنهم حين فهموا جيداً قوة الانترنت، قاموا بنصب مخيماتهم على شبكة الانترنت ومدوا برامجهم الدعوية والتنظيمية.
من جانب آخر، يحض القائمون على المشروع أنصارهم ومتدربيهم على استعمال أدوات إعلامية معينة مثل، شبكة الجزيرة، وموقع إسلام أون لاين، وموقع الجزيرة توك، وقناة دليل الفضائية.
 
أكاديمية التغيير
منذ بدء ربيع الثورات العربية وعدد من المحللين لا ينفكون عن الإشارة إلى الدور القطري في جعل جو هذا الربيع أكثر سخونة عبر قناة الجزيرة وملحقاتها.
كانت الجزيرة تحرض وانقلب مذيعوها إلى مقاتلين يخوضون صراعات ويقودون الجماهير وينتابهم الرعب حينما تقل أعداد المتظاهرين ثم يكادون يرقصون فرحا وهم يرون الآلاف تزحف إلى ميدان التحرير.
 

 كانت الجزيرة تتشدق بأنها هي من ساهمت في تنظيم الجماهير وتشجيعهم ولولا الله ثم إدارتها للأزمة لانفلت الوضع وعادت الجماهير محسورة الرؤوس إلى منازلها دون أن يحدث التغيير المطلوب.
لكن هل كانت الجزيرة فقط هي من يفعل شيئا في الساحة الثورية؟ الحقيقة هي أن هناك الكثير من التقارير والاتهامات التي تشير إلى أن للقطريين أدوات أخرى ويشيرون إلى دور منظمة مركزها في بريطانيا وإسمها "أكاديمية التغيير".
ما هي "أكاديمية التغيير" ولماذا تتهم بأنها من أجج الوضع؟


شعار أكاديمية التغيير

خلال إحدى حلقات النقاش في جامعة بريطانية وكانت الحلقة مغلقة على باحثين ومتخصصين، تساءل خبير بريطاني: لماذا لم يسلط الإعلام العربي الأنظار على الجهد القطري في الثورات العربية بشكل كاف؟
طفق أحدى الاساتذة من أصل عربي في بيان مدى قوة قناة الجزيرة وسحرها الذي نجح في المساعدة على إسقاط أنظمة عديدة.
في طرف الطاولة تمتم خبير ويلزي أنه ليست فقط الجزيرة من قام بكل هذا الفعل، بل هناك قوى أخرى لعل أهمها فساد الأنظمة وثورة الجماهير واستعدادهم للتضحية، ثم أشار إلى أن القطريين لم يستعملوا فقط الجزيرة بل قاموا بإدارة المعركة عملياً.
ووسط علامات الترحيب بأن يستمر في الحديث، أشار الخبير إلى أن هناك مركزاً في بريطانيا أسمه "أكاديمية التغيير"، وأن هذا المركز محل الرقابة والعناية البحثية من قبل العديد من المتخصصين في دراسات الشرق الأوسط.
بدأ سيل منهمر من الأسئلة لهذا الخبير عن هذه الأكاديمية؛ ما هي وماذا فعلت؟
إجابته كانت: هذه الأكاديمية أسست عام 2006، وهدفها تحرير الشعوب من القيود، ومساعدتها على التغيير من خلال تدريب كوادر ومؤسسات المجتمع المدني والنشطاء على استراتيجيات ووسائل وسبل التغيير وتوفير الأدوات المؤدية لهذا الغرض.
كانت أول استنتاج بدر لدى الكثير من الحاضرين هي أن هذه الأكاديمية منشأة غربية موجهة وممولة من قبل المخابرات الغربية أو ثري يهودي مهووس بالتغيير في العالم العربي، لعل وعسى ان يعود ذلك بالخير على إسرائيل ويشيع السلام في المنطقة.
لم يبطئ الخبير الويلزي في إيقاف سلسلة التخمينات وتسارع الفكر المؤامراتي، حيث بادر إلى القول بأن هذه الأكاديمية ليست سوى واحدة من أبرز أدوات المشروع القطري (دولة قطر) لإحداث الاضطرابات وإسقاط النظم العربية.
ووسط ابتسامات الخبراء البريطانيين، قال الخبير: لاحظوا أن العناصر التي قادت عمليات التجمهر والاحتجاجات في دول عديدة تستخدم نفس الأفكار والسلوكيات شكلاً ومضموناً، وكانت تحركها هذه الأكاديمية التي تلعب دوراً بارزاً ومؤثراً في هذا المجال.
واضاف الخبير: لا تنسوا هذه الأكاديمية لديها فرع في الدوحة حيث يزوره كثير من الناشطين العرب ويتدربون في صمت منذ عام 2009.
ووسط ذهول الحضور، أضاف العجوز الويلزي وهو يلمم أوراقه واقفاً: هل فاتكم المخطط القطري لصناعة الاحتجاجات والتغيير في الدول العربي؟
ذهب العجوز وترك الحضور واسئلة كثيرة ترتفع الى سقف غرفة الاجتماعات. لكن البحث عن هذه الأكاديمية يجيب على معظم الاسئلة المتبقية وخاصة عن أهداف الأكاديمية.
لتحقيق أهدافها، تقوم الأكاديمية بتوزيع نشاطها على ثلاث مجموعات. الأولى، تحمل اسم مجموعة ثورة العقول. والثانية مجموعة أدوات التغيير. والثالثة مجموعة ثورة المشاريع.
وتروج الأكاديمية بحماس لأدلة عملية على كيفية التظاهر وإدارة الاحتجاجات على شكل كتب مثل: زلزال العقول، حرب اللا عنف، حركات العصيان المدني، دروع الواقية من الخوف.
يردد كثير من المراقبين لعمل الأكاديمية، أنها لا تهدف كما تظهر إلى تشجيع الحرية والإصلاح والتغيير. بل أن هدفها الرئيس، تفكيك النظم الحالية وتغيير بنية المجتمعات وتهديد استقرارها.
ولعل المثير للجدل ليست هذه الاتهامات، بل أن كارهي الأكاديمية وبرامجها يرونها جزءاً من مشروع قطري إخواني هدفه السيطرة على أنظمة عديدة عبر تحريك شعوبه ثم تتويج إخوان محسوبين على قطر على الأنظمة الجديدة. وبالتالي وقوع دول كثيرة تحت سيطرة قطرية غير مباشرة.
بالطبع شيخنا الباحث الويلزي ، كان بعيداً عن الوصول إلى استنتاجات أخرى وخاصة دوافع الإخوانية. لكنه امتدح عمل الأكاديمية وخاصة في استعمالها للإعلام الحديث ومواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار إلى أن الأكاديمية تقوم بتعليم الكوادر الشبابية عبر الانترنت ومواقع اليوتيوب وتحت عناوين كثيرة منها أفكار الثورة، وأفكار للثوار وكيفية التعامل مع القوى التقليدية ولماذا لا يتم مواجهة عنف بعنف مضاد وكيفية ترفع من تكلفة القمع على خصم وكيف يمكن كسب خصوم.
هذه الأفكار أثارت العديد من الباحثين فحاولوا ربطها بالواقع المعيش في الثورات العربية.
يقول أحدهم إن أفكار وتكتيكات الأكاديمية تم استعمالها مؤخراً في حركات احتجاج وتطبيق لأساليب التحرك على الأرض والشعارات المستخدمة.
وتبرز تكتيكات مهمة منها: التنقل بالاضطرابات بين المدن والمناطق، والعمل على تكرار التظاهرات والمسيرات لإنهاك قوى الأمن، والعمل على تشتيتهم. وأيضا محاولة تحييد قوت المسلحة قدر الإمكان. وتكثيف تغطية والتعبئة الإعلامية الموجهة.
وتقوم شبكات متعددة بنقل كافة المعلومات الواقعة على الأرض الى منظمات دولية كالأمنستي انترناشونال وهيومان رايتس ووتش عبر شبكات الانترنت والتفاعل الاجتماعي، والهدف من ذلك هو تقوية الضغط الدولي على النظام وتسبب في حرمانه من مشروعية دولية وإبعاد أصدقائه عنه.
كما يبرز من التكتيكات للأكاديمية خلال الثورات استغلال الإعلام الجديد في الدعاية لانتهاكات النظام أمام الرأي العام الدولي مع التأكيد على سلمية التظاهر وعدم اللجوء للعنف الظاهر.
ومن التكتيكات أيضاً التدرج السريع في رفع سقف مطالب وتنفيذ خطوات العصيان المدني وإبراز بعض المعاني الرمزية مثل حمل المصاحف وإضاءة الشموع ودق الطبول وحمل الأعلام الوطنية، وأيضاً نشر وتعلم وسائل التصدي لقوات الأمن مثل الدروع الواقية ومكافحة الغازات المسلة للدموع.
حينما تبدأ حركات احتجاج لا يتم إدخال القوى السياسية المنظمة والمعروفة في البداية، بل يعمل على ان تبدأ بشكل بريء وبعد أن تستقر وتجذب الانتباه وتزداد الأعداد تدخل القوى السياسية المنظمة كالإخوان المسلمين في مصر وحركة وفاق في البحرين وعدد من القبائل في اليمن.
ومن أهم التكتيكات هي أن العمل السلمي للاحتجاج لا يقتصر على اللاعنف فقط، بل هو أيضاً معني بالبهجة والإسعاد، فيجب ان تكون الأجواء احتفالية حتى تجذب عناصر وأعداداً كبيرة من الجماهير.
يدير هذه الأكاديمية رجل مصري يحمل الجنسية البريطانية واسمه هشام مرسي. قد يكون طبيب أطفال بسيطاً، لكن قوته تأتي من زواجه بابنة الشيخ الإخواني يوسف القرضاوي.
وكان قد أعتقل في 31 يناير الماضي داخل ميدان التحرير وتم إطلاق سراحه بضغوط بريطانية قوية.  

هشام مرسي

 ولا يعمل مرسي وحده بل يساعده وائل عادل بالإضافة الى شخص مصري ثالث لا يعرف عنه الا ان اسمه الاول أحمد.

وائل عادل
هؤلاء الثلاثة بدأوا العمل والترويج لأساليب الإحتجاجات وبشعارات سلمية منذ 2005. وقد استفادوا كثيراً من التجربة الصربية التي أطاحت بسلوبودان ميلوسوفيتش وكان من تنظيم مجموعة أوتبور.
جرب الثلاثة ما تعلموه في عام 2006 وكانت البداية منطقة المحلة في مصر، حيث المجتمع عمالي وتعاني شرائح كبيرة منه من تدني الأجور وظروف عمل سيئة.
نجحت الدعوة في الحث على إضراب أكثر من عشرين الف عامل نسيج ولمدة ستة ايام بسبب عدم صرف علاوات، وكانت التجربة مثمرة حيث أربكت الاحتجاجات رغم سلميتها الشرطة المصرية التي لطالما ما تعودت على التعامل مع حشود غير منظمة.
شجع ذلك الثلاثة على تنظيم تدريبات عملية لمجموعات عديدة من الشباب المتضامن على الفيسبوك. وكان عدد كل مجموعة لا يقل عن مائة متدرب. وعمدت التدريبات على التركيز على كيفية تضخيم قوة حركة الاحتجاج إلى حد اقصى وأيضا طريقة عمل الاحتجاجات الصامتة، والسيطرة على رجال الآمن لكسب تعاطفهم بترديد عبارات مثل "سلمية سلمية".
سرت قطر بنجاح التجارب العملية فصعدت من دعمها للأكاديمية بسرعة، ورعتها بكل ود وحب وتمويل، وزادت على ذلك بأن أفتتحت لها فرعا في الدوحة.
بالطبع لم يكن للشباب القطري نصيب في التعلم من مهارات القائمين على الأكاديمية. كان فرع الدوحة يدرب النشطاء والمعارضين الأجانب فقط. ويقدم النصح عبر دورات متخصصة، ركزت في جزئها الأكبر على الساحة المصرية.
ومن ثم يمكن التحرك على دول أخرى. كان عتاد هذا الفرع إخوانيين حركيين لديهم ارتباطات قوية بفرع الإخوان المسلمين في قطر والذي أصبح جزءا من مؤسسات النظام في عام 1999.

الشيخ يوسف القرضاوي

وتشير معلومات مهمة إلى أن جهاز الأمن الوطني في البحرين توصل الى أن مؤتمر "فور شباب العالمي" الذي كان من المقرر إقامته في المنامة من الثاني الى السابع من يوليو 2011 هو جزء مستتر من نشاطات الأكاديمية مما أدى الى ضغوط لإلغائه وانسحب ضيوف مهمون منهم عمرو خالد وعمر عبدالكافي.


شعار مؤتمر فور شباب البحرين

كان عنوان المؤتمر "هندسة التغيير... التكوين والأدوات" مما يدل على ارتباط قوي بمنهج الاكاديمية على الرغم من أن الأجهزة البحرينية تحدثت عن أن إلغاء المؤتمر كان سببه الرغبة في التركيز على مؤتمر الحوار الوطني ليس إلا.
 
المهمة الأميركية
نتيجة للإلحاح القطري والتذكير بالاتفاق الذي تم في قطر خلال منتدى المستقبل بين القطريين والاميركيين حول مشروع مستقبل التغيير في العالم العربي طلب القطريون من الاميركيين احتضان 6 ابريل ولقاء بعض نشطائها المقيمين في واشنطن وكان ان تم ذلك بسرعة.
وبسرعة تم حشد شركات كبرى كداعمة وموفرة للدعم الفني للمشروع ساهمت غوغل وفيسبوك وبيبسي وام تي في ومحطات تلفزيون اميركية في جعل التقنية خادمة للثورات.
ولا ننسى كيف ان غوغل خلال الثورة المصرية ساهمت وتويتر في تقديم خطوط هاتفية مجانية ودولية لخدمة المتظاهرين للتبليغ عن ما يحدث.
 
6 ابريل
احتضنت الولايات المتحدة حركة 6 ابريل بتمنع خجول في البداية فقد كانت متشككة في وجود بعد إخواني وخوفا من ان تحرج اميركا مع دول عربية عديدة إذا افتضحت العلاقة مع فئة معارضة لنظام حليف كالنظام المصري.


شعار حركة 6 أبريل 

لكنها توصلت الى اتفاق عملي مع أحمد صلاح الدين علي أحد نشطاء 6 ابريل والضابط المتقاعد عمر عفيفي المقيم على مقربة من واشنطن ويملك غرفة إرشاد ومراقبة للثورة من مقر سكنه.

عمر عفيفي


أحمد صلاح الدين

في 20 نوفمبر 2008 عقدت في نيويورك قمة تحالف الحركات الشبابية وشارك فيها العديد من الشباب من أنحاء كثيرة في العالم وساهم في القمة تمويلا ومشاركة كلا من غوغل، وفيسبوك، وام تي في، ويوتيوب، ومسؤلين حكوميين من الإدارة الاميركية، وأيضاً من مدرسة القانون في جامعة كولومبيا.
وبعد نجاح القمة الاولى كان من ثمارها اجتماع أخر في الثالث من ديسمبر 2008 شارك فيه بكثافة عاملون سابقون في حملة اوباما الإنتخابية والبنك الدولي وإدارة الأمن الاميركية ووزارة الخارجية الاميركية وبيت الحرية وهو مركز مروج للحريات دولياً مقره في اميركا. 


شعار مركز بيت الحرية الأمريكي

كان من الحاضرين للقمة اعضاء من حركة 6 ابريل المصرية. تبع ذلك زيارة وفد رفيع المستوى من بيت الحرية الاميركي الى القاهرة، ودراسته أرض الواقع ومعرفة الحدود، والإمكانيات للتغيير، ولقائهم العديد من الشباب المنتمين لحركة 6 ابريل.
تلا ذلك تطور كبير في اداء حركة 6 ابريل، تنوعت الادوات والشعارات وتناسقت مع التطور النوعي لدى المجموعة وإنضمام شباب جدد ومجموعات اخرى ولقاءات ضمن قمم اتحاد الحركات الشبابية في مكسيكو سيتي 2009 ولندن 2010.
كل ذلك كان يدور وسط استهانة بالغة من النظام المصري، الذي بلغت به العنجهية والغرور، في ما نقل عن أحد مسؤوليه الكبار قوله، أن ما تفعله حركة 6 ابريل، ليس سوى ألعاب اطفال مع غربيين مهووسين بالتغيير، في مجتمع لن يتغير إلا بقنبلة نووية.
وكانت قمة عدم إدراك الواقع، ضحكات جمال مبارك الساخرة في إحدى المؤتمرات الصحفية في القاهرة، حول دور الفيسبوك في التغيير شاركه بفرح في ذلك مراسل قناة الجزيرة حسين عبدالغني في نفس المؤتمر.
 
 
كان جمال مبارك يمارس سخريته بينما شركات أميركية كبرى كغوغل وفيسبوك وبيبسي وسي بي اس أخرى كثر، تراهن على التغيير في العالم، وتمول قمماً شبابية يتم فيها التدارس والتمرين على التغيير في نيويورك ومكسيكو سيتي ولندن ثم العودة إلى نيويورك.
 
الخلاصة
بعد كل هذا، يترامى إلينا سؤال مهم، هو كل هذا الجهد التبشيري بالثورة والتغيير يصب لمصلحة من؟
هل هو لمصلحة شعب، أم لمصلحة تيار سياسي ديني؟
هل هو وسيلة من وسائل الإخوان المسلمين للوصول إلى الحكم باستغلال توق الشباب العربي للتغيير والحصول على حقوق مشروعة، أم انه رغبة غربية في تغيير أنظمة أصبحت عبئا عليها؟
أم أن الأمر هو تحالف بين الغرب والإخوان تم بتنسيق قطري وبدأ من خلال تنظيم منتديات المستقبل القطرية في الدوحة والتي روجت للتغيير؟
مادا عن توسع الجهد القطري الإخواني حالياً وبقوة وانتشاره كالنار في الهشيم محاولاً التأثير على دول مختلفة والعديد من الفعاليات الممولة من قطر ولمصلحة الإخوان تتم حالياً في دول الخليج العربي حيث عمليات التنفير والتحشيد تتم عبر فعاليات متعددة؟
تثار في الخليج الكثير من المخاوف في أن يصبح شباب الخليج في قبضة أجندات خارجية تثير الفوضى وتوهن العقد الاجتماعي الذي يستطيع الآن الحد من تصلب الأنظمة ولو على استحياء.
قطر بوضعها يدها في يد الإخوان ودعمها لهم لا تعرف انها يوماً لن تجد لها من سيشرع وجود عائلتها الحاكمة على سدة الحكم لأن ذلك يتعارض مع النظرة الإخوانية للحكم الشرعي.
من جانب أخر وفي الوقت الذي يجد الشباب العربي في حركات التغيير ملاذه خاصة عبر وجبات ثقافية خفيفة تحمل الأمل.
وفي الوقت الذي تتضمن فيه هذه الوجبات أساليب وأنواراً في نهاية نفق اليأس، يجب على الحكومات العربية التي لا تريد للإخوان قيادة التغيير أن تقود هي هذا التغيير والتحديث عبر برامج واستراتيجيات تكون الحرية والحقوق من أولوياتها.
لا يمكن ترك الشباب لتيارات شمولية قد لا تختلف عن الأنظمة الحالية، ثم التنطع بأن لا حل سوى القمع والحصار والحديث عن أن الأنظمة الحالية هي الحل.
الشباب العربي أصبح أكثر ذكاء في استعمال أدوات حديثة للتغيير. وإذا أرادت الأنظمة البقاء على قيد الحياة وعدم ترك شعوبها تذهب تحت رحمة تيارات تماثلها في أحادية التوجه ورفض الحريات، فعليها أن تبز تلك التيارات بتقديمها للشباب حلولا ناجعة يكون أهمها الانفتاح السياسي والفكري.
أمر أخر هو أين هي التيارات الليبرالية؟ بل وأين هي اليسارية التي يصدعنا منظروها في الحديث عن حتمية التغيير وسط دخان السيجار الكوبي؟
ايضا أين هو التغيير عن مسقط رأس ممولي وأصحاب مواقع وبرامج التغيير؟
اسئلة كثيرة تحتاج الى أجوبة.

....
  • ملاحظتان مهمتان من الناشر:
  1. نشر المقال في العديد من المواقع، ومنها هنا، وتم تحريره وتنسيقه وتقديمه للنشر بصورته الحالية واضافة الصور والروابط إليه من قبل (وجهات نظر).
  2. لمزيد من المعلومات حول المؤسسات التي ورد ذكرها في المقال أعلاه، ينبغي الاطلاع على المواقع التالية :
تابع القراءة ←

الاثنين، 25 مارس 2013

زواج المتعة... أميركا والإخوان إلى أين ؟

زواج المتعة... أميركا والإخوان إلى أين
 
هل انقلب الإسلام السياسي على الإسلام، كما انقلب اليسار الطفولي على اليسار الحقيقي؟
 
ميدل ايست أونلاين
بقلم: عصام الدين الراجحي
يمثل مصطلح الفوضى الخلاقة أحد أهم المفاتيح التي أنتجها العقل الاستراتيجي الأميركي في التعامل مع قضايا الوطن العربي، حيث تمت صياغة هذا المصطلح بعناية فائقة من قبل النخب الأكاديمية وصناع السياسة في الولايات المتحدة، فعلى خلاف السائد لمفهوم الفوضى المثقل بدلالات سلبية أضيف إليه مصطلح آخر يتمتع بالإيجابية وهو الخلق أو البناء، ولا يخفى على أحد خبث المقاصد الكامنة في صلب مصطلح الفوضى الخلاقة بغرض التضليل والتمويه على الرأي العام العربي والعالمي.
وهو ما عبر عنه مشروع "التغيير الشامل في الشرق الأوسط" الذي أعده مايكل ليدين - العضو البارز في معهد أميركا انتربرايز عام 2003، وارتكز المشروع على منظومة من الإصلاحات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية الشاملة لكل دول المنطقة، وَفقًا لإستراتيجية جديدة تقوم على أساس الهدم ثم إعادة البناء، بدأت الإدارة الأميركية في تفعيل المشروع منذ العام 2007 وردده كبار مسئوليها الذين كانوا بحاجة إلى أدوات لتنفيذ المخطط وإلى عرابين للترويج له ولم يكن أفضل من قطر وتنظيمات الإخوان المسلمين في مصر وتونس وسوريا.
مما يؤسف له أن هذه الحركات الإسلامية التي ترفع شعار الإسلام، أصبحت ما بين المتلذذ بالحضن الأميركي، أو المتلهف على زواج المتعة معه، والتي ترى من التبعية لأميركا العمود الفقري في سياساتها، والأهداف التي تطمح في الوصول إليها.
تشير السوابق التاريخية إلى أن الجماعة منذ أن تم اختراقها فرطت في مبادئها وهجرت وطنيتها وعروبتها وأدمنت عقد الصفقات ونامت مع الخيانة في سرير واحد وكان المبدأ الذي تعلمته هو أن مصلحة التنظيم الإخواني مقدمة على مصلحة الوطن.
لم يعد خافيا على أحد أن حركة النهضة مثلا ترتبط بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، ومن الواضح أن هذه العلاقات لم تتشكل في العامين الأخيرين بعد اندلاع الثورات العربية بل هي علاقات قديمة وخير دليل زيارات السفير الأميركي الشخصية للسيد حمادي الجبالي في بيته منذ 2009 أو التردد الدائم للقيادي زياد الدولاتي على السفارة الأميركية منذ سنة 2005، بل إن عددا من السياسيين والمفكرين يؤكدون أن الولايات المتحدة هي من ساعدت جماعة الإخوان على الوصول إلى مقاعد الحكم في دول الربيع العربية وبخاصة في مصر وتونس.
من هؤلاء كان المفكر العالمي نعوم تشومسكي الذي أكد "إن الولايات المتحدة ستقبل التعايش مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر وتونس إذا كان ذلك يحقق مصالحها"، مشيرا إلى أنها لا تهتم بالصراع مع الأديان بقدر اهتمامها بمصالحها. وأضاف "واشنطن قد تقبل بالتعايش مع جماعات الإخوان المسلمين إذا تبنت الأخيرة السياسات (النيوليبرالية)" مشيرا إلى وجود مصالح معهم، لأنها لا تجد مشكلة في التحالف مع أحد إذا كان ذلك يحقق مصالحها.
وأشار تشومسكي أن القوى الغربية المتحالفة مع الولايات المتحدة لن تسمح بانتشار الديمقراطية في البلاد العربية لأنها تتعارض مع مصالحها، وأنهم سيستمرون في دعم الديكتاتوريات الناشئة في العالم العربي، وذلك لأنهم يعلمون أن الرأي العام في البلاد العربية يرفض ويعارض السياسات الغربية والأميركية.
فالإدارة الأميركية وبسبب بحثها عن مصالحها وليس من أجل تحقيق الحرية والتقدم في البلدان العربية والمسلمة قد تكون صديقة ودودة لطرف ضد طرف آخر ثم نجدها تنقلب رأسا على عقب فتعادي صديقها السابق وتصادق الذي كان عدوها في الأمس مثل ما كانت تصادق وتدعم جماعة القاعدة في أفغانستان أيام الثمانينيات من القرن الماضي من أجل أن تكون أداتها التي تحارب بها الاتحاد السوفيتي السابق ثم أصبحت هذه الجماعة عدوتها في حربها المزعومة ضد الارهاب في بداية القرن الحالي. كما أنها كانت تساند الأنظمة العربية ضد جماعة الاخوان كونها تعتبرها من الجماعات الداعمة للإرهاب وها هي تساند وتدعم جماعة الاخوان في بلدان الثورات العربية وغيرها من البلدان العربية من أجل الوصول للسلطة.
للضرورة أحكام وإلا كيف للإدارة الأميركية مساندة الإسلاميين وهي منذ وقت قريب تناقش ما إذا كان العدو الأول لأميركا هو الصين أم الإسلام؟
التنظيمات الإخوانية تريد من أميركا أن تشق لها طريق السلطة، فماذا تريد أميركا من هذا التعاون.
لأميركا هدفان الأول أمن إسرائيل وضمان مستقبلها عن طريق ترسيخ معاهدات السلام بين العرب وإسرائيل. والثاني هو مقاومة الإرهاب الذي يستهدفها ويهدد أمنها الداخلي والخارجي.
الإسلاميون "المعتدلون" هم الأقدر على ذلك. فأميركا لا يزعجها ان تقتصر "إسلامية" النهضة أو الإخوان على ارتداء زوجة الرئيس للحجاب، طالما أن التزاماته تجاه الحلف الأميركي مستوفاة، والاتفاقيات العسكرية والأمنية والاقتصادية محترمة، وبالتأكيد لن يزعجها ان تقتصر "إسلامية" بعض القوى على إطالة اللحى إذا ما ارتضوا الارتباط بالأطلسي، واتخذوا موقفاً حيادياً من العدو الاسرائيلي كحد ادنى.
هذه هي الأوراق التي يستطيع الإخوان تقديمها لأميركا ثمناً للسلطة. وعند رفضها يجف الدعم وينتهي دور الإخوان في نظر أميركا بإظهار فشلهم في تقديم الحلول المطلوبة وينفض الناس من حولهم ويسهل التخلص منهم كما تتخلص من كل أصدقائها عندما تنتهي مهامهم وهو ما يتهددهم اليوم خاصة بعد طرح مشروع تجريم التطبيع في الدستور التونسي وردة الفعل الأميركي وتراجع النهضة وتبريرها الغبي للشعب.
الذين يظنون أن ما صنعته أميركا بالعراق من احتلال وتقسيم وما جرى في السودان من تقسيم له دوافع وأسباب مصطنعة، وما يجري في سوريا وعموم المنطقة العربية من أحداث مأساوية وفوضى، أمرًا مفاجئًا جاء وليد الأحداث التي أنتجته، ولكن الحقيقة الكبرى هي أن ما يحدث الآن هو تحقيق وتنفيذ للمخطط الاستعماري الذي خططته وصاغته وأعلنته الصهيونية والصليبية العالمية، لتفتيت الوطن العربي والعالم الإسلامي من خلال سياسات واستراتيجيات ومشاريع باتت مكشوفة للعالم وان تغيرت بنودها وتوقيتات طرحها، فهي تستهدف القضاء على الإسلام وتجزئة الوطن العربي والاستحواذ على ثرواته ومقدراته والتحكم فيه حاضرا ومستقبلا وتحويله إلى فسيفساء ورقية يكون فيها الكيان الغاصب السيد المطاع، واستهداف الأمة والوطن ومستقبل مواطنيها وحضارتهم وخاصة الشباب الذين هم عماد الأمة وصانعو قوتها وحضارتها ونهضتها، والذين يتعرضون إلى محاولات عمليات غسل دماغ خطيرة بهدف تغيير قاعاتهم وخداعهم وتضليلهم.
الإسلام في الجوهر ضد القهر والذل والطغيان الخارجي، وليس هناك أسوأ من طغيان وجبروت النظام الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة، فهو الذي يحتضن الكيان الصهيوني مغتصب أرض فلسطين، ومحتل قدسها، وأميركا نفسها التي غزت العراق واحتلته ودمرت كيانه السياسي، ومزقت نسيجه الاجتماعي، وأشاعت ثقافة القتل، وأميركا نفسها هي التي تحيك كل المؤامرات ولها مآرب عدوانية في سوريا ولبنان والسودان وليبيا، وفي كل مكان من الوطن العربي.
أي إسلام هذا الذي تركبه هذه الحركات، والتي تجاهر بالصداقة مع أميركا والتحالف معها، تحت شعار تلعب سياسة، وأي سياسة هذه التي تتجاوز الثوابت؟ وتدوس على كل القيم والمحرمات، فهل انقلب الإسلام السياسي على الإسلام؟ كما انقلب اليسار الطفولي على اليسار الحقيقي، وهما يتسابقان لتكون كعبتهم واشنطن ودينهم دولارهم.
اليوم يرفع الإخوان شعارات إسلامية، في حين ينخر فساد العمالة الإقليمية والشعوبية والطائفية زعماءهم.
الإسلام السياسي أصبح من حصة الولايات المتحدة على مستوى الأنظمة والمنظمات، وأصبح الجميع مدجن لخدمة الإدارة الأميركية، وهو ما يتعارض مع جوهر العقيدة، التي جاء بها اطهر خلق الله محمد، ولهذا فلم يعد جمهور المسلمين يثق بهذا النوع من السياسات التي تريد حرف الدين عن توجهاته الحقيقية ولم يعد رفع الشعارات يسمن أو يغني من جوع، فالإسلام دين عمل وفعل في ممارساته،والفعل والعمل ما يخدم الناس وليس ما يخدم أعداء الناس. لأنه ليس هناك أكثر شراسة من العداء للإنسانية، ما تمارسه الامبريالية الأميركية والصهيونية العالمية، فلماذا كل هذا التكالب على صداقتها، وإقامة زواج المتعة معها؟، وهي التي تحتل أرضنا، وتنكل بمواطنينا، وتنهب ثرواتنا، وتقف إلى جانب أعدائنا.
الإسلام السياسي اليوم يجرم في حق الإسلام والمسلمين، في التلذذ بالنوم في الحضن الأميركي، أو الركض وراء زواج المتعة منه، لأنه يشوه الإسلام وحقيقته، ويطعن المسلمين من الخلف، في خيانة حقوقهم، والادعاء بأنه يتنطع للدفاع عنهم، وهو يخونهم في دينهم ودنياهم.
تابع القراءة ←

الخميس، 21 مارس 2013

كما تكونوا يولى عليكم

 كما تكونوا يولى عليكم...
 
 
ميدل ايست أونلاين
بقلم: عصام الدين الراجحي
كان لي حوار شيق آخر الأسبوع مع أستاذي بالجامعة، شخص احترمه كثيرا وإن اختلفت توجهاتنا السياسية، خضنا نقاشات حول الوضع الراهن بالبلاد ولكن ما بقي راسخا من كلامه جملة ظلت عالقة بذهني "كل شعب يستحق من يحكمه".
استحضرت ما عاشته تونس من عقود من القهر والظلم والقمع والاستبداد في عهد النظام الفاسد،عاش الشعب مكبوتا مقهورا لا يتكلم لأنه كان محكوما بالحديد والنار، إلى أن كسر حاجز الخوف في كل شيء وتنفس نسائم الحرية ولكن هل قطع مع رواسب الماضي وتحمل مسؤولية البناء؟
كتبت مرارا وتكرارا عن الثالوث المقدس في تونس: بشائر مشروع النهضة الاستبدادي، الخور الحكومي والاستقطاب الثنائي الخطير على البلاد ونقدت وانتقدت عن حكمة وعن عاطفية فكان كلامي حبا للوطن وخوفا على شعبه، ولكن أليس لنا أن نخاف على الوطن من شعبه؟
صحيح أننا نعيش أسوأ لحظات حياتنا مع هذه الحكومة المباركة، صحيح أن مشكلتنا اليوم أن الموكل إليهم حل مشكلة الوطن هم أنفسهم المشكلة. وصحيح أن حزب النهضة اعتمد على خطة للسيطرة على مفاصل الدولة، طالما خضعت هذه الأجهزة فكل شيء سهل ويسير. وان صعبت المهمة فالفتوى الديلفري جاهزة وربي يفضلنا الشيخ: من يثور على حكمنا إنما يثور ‏على الإسلام...
ولكن ألم يقصر الشعب في أداء واجباته في التغيير الحقيقي وبناء الوطن؟
يرى الكثير من دارسي علم الاجتماع أن التغيير يبدأ من داخل الناس، وأن ما في داخلك ينعكس على ما في خارجك، و"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"> وأن "كما تكونوا يولى عليكم"، وهنالك أيضا نظرية غربية تقول أن الحاكم هو انعكاس للشعب، فمثلا رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون يمثل النموذج البريطاني الشائع في تلك البلاد، فلو تأملت في شخصيته وتأملت في شخصية أغلب البريطانيين وآلية اتخاذ القرار عند المواطن لرأيت تشابها كبيرا بينهما، وكذا في كل دولة ستجد أن رئيسها يمثل النموذج الشائع في المجتمع، لو كان أغلب الشعب طماعا ستجد أن رئيس البلاد طماع أيضا، ولو كان أغلب الشعب عصاميا ستجد إن رئيسهم عصامي، وقد يتبين ذلك عند الرئيس الأميركي مثلا، فكما تكونوا يولى عليكم، فلا تغضب إذا من الحكومة إذ أن شعبها هكذا، ولا تغضب من الحاكم لأنه انعكاس تلقائي للشعب، لو أتينا بشعب منظم كالشعب البريطاني، وأحللناه مكان شعب فوضوي تحت حكومة فوضوية، وأبقينا على الحكومة الفوضوية، فماذا سيحدث بعد فترة؟
ستصبح الحكومة منظمة قسرا، لأن الشعب منظم، يعني لو أخرجنا شعب تشاد مثلا ووضعنا بدلا منه الشعب البريطاني فماذا سيحدث في التنظيمات الحكومية والمؤسسية للبلد؟ فكر قليلا وجاوب مع نفسك.
إذا فالانطلاق من الشعب، والحاكم إنعكاس للشعب، فلو تغيرت الحكومات ألف مرة وكان الشعب بنفس العقلية والمساوئ ولم يتغير فلن تتغير الدولة، ولن تتطور أبدا،فإن لم يتغير وعي الشعب فلن يتغير شيء، وإن لم يتغير وعي الشعب فسيعيدون أخطاءهم، وسيختارون الرجل الخطأ الذي يجعجع بمبادئ الحرية والعدل كما نادى من قبل زعماء ما قبل ثورة 14 يناير، فقد كان لهم كلام يبكي في الحرية والعدالة، وبإمكانك أن تنظر في إختيار الشعب لنوابهم الحاليين وأحزابهم،لتعرف إن كان الوعي قد تغير عندهم أم لا.
فكما يختارون الآن النواب الخطأ، فسيختارون كذلك مستقبلا الحكام الخطأ لأنهم محتارون أصلا وليس لديهم تصور واضح عن المستقبل، بل ليس لديهم أي تصور عنه، فامسك الآن أحد الثائرين على حكم النهضة واسأله عن الرئيس القادم الذي يريدون أن يستبدلوا به اللارئيس الحالي، فستجد إجابته غير واضحة! وبعضهم يقول أي شخص غير هؤلاء، وبعضهم يقول: ربما يأتي من هو خير منهم. وهو بالضبط ما كان يحصل في كل مرة سابقة،فالحل إذا: هو أن تغير من وعي الشعب حتى يقرر الصواب.
المشكلة أن أكثر الناس يحكمون عاطفتهم ولا يحكمون عقلهم!
هذه العاطفة التي نراها اليوم جعلت من المواطن ضحية تحت سيطرة غيره؛ سيطرة تمنعه من القدرة على فعل أو قول ما يريد بل تلقائيا يبحث في سيده عن أي إشارة ولو كاذبة، تعطيه إحساس بالاطمئنان لهذا الجاني المعتدي، كلما زاد أمد سيطرة السيد على الضحية تقبلت لفكرة خضوعها له، وقد يتطور الأمر عن مجرد الشعور بتقبل الجاني إلى محاولة إرضائه، وقد يتطور الأمر لحمايته وإنكار أنه قام باضطهاده وهو ما يتراءى لنا في ثقافة القطيع التي يمارس طقوسها أتباع سياسينا حكومة ومعارضة.
إذا هي سنة المجتمعات التي تقع تحت الحكم القمعي الظالم لفترات طويلة حتى إنها لا تستعذب الحياة بدون هذا الحكم؛ فهو كان يفكر لها ويقرر لها ويقوم بالتنفيذ مستغلا لها، وتكتفي هذه المجتمعات بما يسمح به لها ذاك النظام الديكتاتوري الظالم من أسباب الحياة، وقد اعتادت هذه المجتمعات على هذه الحياة وتقبلتها، ولا يعني تململها بين الحين والآخر أنها مستعدة للتغيير أو التخلص من قبضة الخضوع القسري للدكتاتورية.
إن الحاكم إنما هو نتيجة، وليس سببا، وكما تكونوا يولى عليكم.
فالحرص كل الحرص على إصلاح أنفسنا، وبعد ذلك يخرج الحاكم الصالح من بيننا بطريقة منظمة ليحكمنا. لأن الحاكم هو نتيجة لتصرفات شعبه وطباعه.
إن أردنا من الأوضاع أن تنصلح فيجب اصلاح الذات والثورة على النفس وتربية المواطن المتيم بحب وطنه والساعي لنهضته الحقيقية لأنه في الأخير سيصنع مسؤولين أكفاء من أبناء هذا الشعب،من الطبقة الكادحة قادرين على بناء ربيع تونس.
فليس العبرة في الصلاح ولكن العبرة بالإصلاح، والإصلاح لا يعني الصلاة والصوم فقط بل انه تخدير للناس بالدين إذا كان هذا فقط ما يدعو إليه المصلحون وإنما مقاومة الظالمين وفسادهم وكل يبدأ بنفسه.
لم يعد يجدي تبرير أزمة الوطن أن البلاد تمر بمرحلة انتقالية، وأن مؤسساتها الجديدة لم تكتمل بعد، وأن ميراث النظام السابق ثقيل، فتلك العوامل تفرض نهجاً وطنياً عاماً تمتد فيه الأيدي بعضها إلى بعض، وتفرض شراكة بين الشعب والقوى الوطنية، وتفرض تفاعلاً ديناميكياً مع الواقع الجديد.
علينا أن نفرق بين الاختلاف فى وجهة النظر وبين التعصب والتشرذم، والحل فى ذلك هو أن نضع مصلحة تونس نصب أعيننا، وتغليب المصلحة العامة على مصلحتنا الشخصية وعلى أهوائنا، ووضع النقاط على الحروف بوضوح، وعدم العودة للفساد من سرقة ونهب والذى كان يمارس فى ظل النظام السابق، أيضاً لا ينبغى أن يقتصر الإنتاج والاستثمار والعمل على فئة معينة بل يجب أن يتسعا ليشملا الجميع.
فلا تقاس الدول بكثرة السكان أو بالغنى ولكن بجودة أفرادها وتحضرهم بصرف النظر عن خلفياتهم فجودة الفرد تعني الجدية في العمل وتحمل المسؤولية واستشعار الأمانة تجاه الوطن بالعمل الجاد المخلص لأجل الوطن وتقديم مصلحة الوطن على المصالح الشخصية.
لن نتقدم إلا إذا كان الشعب مثل خلية النحل في بناء الوطن.

تابع القراءة ←

اختار بإرادته أن يكون إماما ولكن أختار كذلك أن لا يكون نهضويا

اختار بإرادته أن يكون إماما ولكن أختار كذلك أن لا يكون نهضويا
 
 
ميدل ايست أونلاين
بقلم: عصام الدين الراجحي
"وإن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً" هدف واضح وغاية سامية ومهمة نبيلة حددها القرآن لبيوت الله، وأمر الله مرتاديها أن يتحركوا داخل إطارها وحذرت الآية الكريمة القائمين على المساجد من ان ينحرفوا بمسارها من الدعوة لله وحده إلى الدعوة مع الله أحداً غيره.
عبادة الله فهماً وأداءً وتذكيراً هي ما يجب أن يحصل عليه المؤمن حالة وجوده في بيت الله، وبالتأكيد فإن المساجد في الإسلام ليست للعبادة بمعناها الضيق «أداء الصلوات الخمس فقط» بل هي للعبادة بمعناها الشامل، أن يكون الله حاضراً في أذهان المصلين في جميع أوقاتهم ومختلف شؤون حياتهم، ان يلج المسلم الحائر إلى المسجد بأسئلة تائهة ليخرج بأجوبة شافية جامعة ومبسطة، ان يهرب المؤمن من هم البيوت وقلق الشوارع وأرق الحزبية وصخب السياسة وضنك الدائن والمؤجر والتاجر.. الخ إلى أقرب مسجد ليجد راحة النفس وطمأنينة القلب وسعادة البال.. لكن هل نجد كل هذا في مساجدنا!!.. واقعها ينفي ذلك.
لقد حاول البعض تحويل وجهة المساجد من التذكير بجلال الله وقدرته وعظمة الإسلام وقيمه وتعاليم نبيه.. إلى التذكير بجلال الأحزاب وقدرة الزعيم الأوحد وعظمة أفكاره وجهوده.. ومن التذكير بمبادئ الإسلام الجامعة وقيمه العامة التي تبني وتجمع وتؤاخي إلى التعصب لآراء الأشخاص والهيئات والمذاهب التي تهدم وتشتت وتفرق.. الواقع يؤكد أن غالب مساجدنا غائبة أن لم نقل مغيبة عن مهمتها الحقيقية لصالح أهداف الحزب الحاكم.
وعلى مايبدو فإن غالب خطبائنا في إجازة عقلية غير محددة.. فبعضهم يعتلي المنابر بأوراق أو مفاهيم جاهزة المضمون ومحددة الملامح آتية من مقراتهم التنظيمية وآخرون يعملون ضمن أجندة مذهبية تأزيمية أو طائفية تحريضية.. ومنهم مشغول بنهم أسماء بعينها غيبةً ونميمة وتشكيكاً في العقائد..الخ إننا نهرب من الغيبة والنميمة في الشارع والبيت لنجدها مشرعنة في المسجد.
مساجد تونس عاشت زمناً غير بعيد من الاحتكار الحزبي لمنابرها حتى أضحت تسمى وتكنى بالمسجد الشعبة أو لجنة التنسيق، وكانت أكثر تحزباً من مقار التجمع يصعد الخطيب المنبر ناصحاً المصلين بانتخاب وطاعة الرجل الصالح بن علي بينما أنصاره يوزعون صوره أمام الباب.
اليوم لا يختلف الوضع بل أكثر قتامة وسوف أنطلق من حادثة تلخص الوضع المأساة، شاب ملتزم يتقدم لمناظرة الأئمة فينجح يعين بقرية قريبة لمدينته وقبل المباشرة يطرأ شغور في مسجد مدينته فيتقدم بمطلب نقلة ويحالفه الحظ ويعين مبدئيا الى حين البت في المسألة نهائيا من الوزارة.
عام ونصف والمسكين يعاني الويلات ودسائس الحزب الحاكم لا لشئ الا "عدم نهضويته" وكرهه للسياسة والتحزب لكن العلة لدى الرأي العام صوته وكأن البديل الجاهز النهضاوي بعبدالباسط عبدالصمد. نفس الممارسات السابقة تتكرر كمحاولات استقطابه وعند الرفض التخطيط لإزاحته بل المصيبة وفي اطار نهضوة الادارة مكالمة من الوزارة واردة على المكتب المحلي لحزب حركة النهضة ب مدينة برقو لاستشارتهم في التعيين والنتيجة... هذا الشاب المسكين محروم من جرايته مدة 18 شهرا وهو الفقير العائل لوالدته المسنة وزوجة وطفلين.
آخر الممارسات عدل منفذ مرسل من طرف عضو مكتب جهوي للنهضة للإمام وتهديده على الملأ لترك منصبه وإلا سوف يحاسب الحساب العسير.
لم يستطع الواعظ المحلي المغلوب على أمره رغم طيبته مقاومة الهجمة الشرسة وانخرط دون أن يدري في سياسة نهضوة جامع برقو ومساعدة بعض الأطراف التي تريد أن تقتنص العنوان الإسلامي وتصور أنها هي المسؤلة عنه والممثل له.
إن الضرورة تستدعي تحييد المساجد عن الاحزاب، مع المحافظة على دورها الديني وحمايتها من التغوّل السياسي، غير أنه مطلوب في مقابل الاهتمام بـ'قضايا الأمة الإسلامية ومشاكل المؤمنين كما أمر ديننا ورسولنا الكريم وليس كما أمر الغنوشي واللوز'.
أتمنى من الواعظ المحلي أن يفرق بين دور المسجد كمؤسسة دينية وبين ميوله واتجاهاته ونزعته السياسية. لقد انضم إلي قافلة «تحزيب المساجد» التي انطلقت بعد صعود النهضة إلي الحكم علي ظهر شباب ثورة الحرية، واتخاذها من دماء الشهداء سلما لبلوغ أهدافها.
أبكي اليوم على وطني، عندما علمت بان هناك مصلين انقسموا فريقين خلف إمامين مختلفين في مسجد واحد، تماما كما انقسمت تونس سياسيا ودينيا بفعل تأثير دعاة الفتنة.
لقد قال رسول الله «جنبوا مساجدكم خصوماتكم ورفع أصواتكم وسل سيوفكم وإقامة حدودكم».. ونهي المصطفي عن جعل بيوت الله موضعا للبيع والشراء بقوله لمن كان يعقد صفقة تجارية بالمسجد «لا ربحت تجارتك».
وكان أحرى بصديقنا الواعظ وهو يعلم أن الإخلال بما جعلت المساجد له، إثم عظيم أن ينأي بالمسجد عن أي قول أو فعل يسيء إليه، أو يقود المصلين إلي التهلكة.
أتمنى أن يصل صوتي للجهات المسؤولة لإصدار قرار تحييد المساجد عن الأحزاب كما أتمنى لفتة كريمة لهذا الشاب الذي اختار بإرادته أن يكون إماما ولكن أختار كذلك أن لا يكون نهضويا.

عصام الدين الراجحي
تابع القراءة ←

لا تكن فردا من القطيع...

نهضوي أكثر من النهضويين: لا تكن فردا من القطيع...
 

ميدل ايست أونلاين
بقلم: عصام الدين الراجحي
تنوع المشهد السياسي بعد ثورة الحرية بحيث اتسع ليشمل شريحة أكبر من الفاعلين داخل الفضاء العام بتونس. وقد برز بشكل خاص نشاط الفاعلين السياسيين الإسلاميين وتنامي دورهم السياسي والاجتماعي على تعدد مشاربهم الفكرية والعقدية جمعهم استخدامهم النصوص والمرجعية والرموز الإسلامية في تحديد هويتهم ورسم الأطر العامة لنشاطاتهم داخل الفضاءات الفكرية والسياسية والاجتماعية والدينية، فمنهم من يستخدم الإسلام كنقطة للمرجعية دون تبني أجندة إسلامية مع التأكيد على أن هذه القيم متوافقة مع الحداثة والديمقراطية والبعض الآخر يسعى لتأسيس نظام سياسي إسلامي محكوم بمبادئ الشريعة الإسلامية.
هذا التعدد إلى حد الاختلاف وأحيانا التضاد صلب العائلة الإسلامية ينقلب بقدرة قادر مع كل تهديد تواجهه الحكومة إلى صف واحد ضد من ينعتونه بالعدو وان كان الشعب.
يحيرني كثيرا علاقة العشق الممنوع بين باقي الإسلاميين والنهضة بل موقفهم المؤيد لها على طول الخط! فموقف الغنوشي مثلا من السلفيين والحب الظاهري والعشق المزيف لهم موقف مفهوم لأنه يستغل السلفيين وشعبيتهم الكبيرة وسط الأحياء كاحتياطي استراتيجي وقت اللزوم. لكن ما يدهشني هو موقف رموز التيارات الإسلامية المحافظة والتقدمية وبالأصح نجومها الذين ينحازون للنهضة أكثر من النهضويين أنفسهم، ويرضون بدور التابع المبرر ويحصدون كراهية النهضة التي تزيد في الشارع يوماً بعد يوم وتتجه إلى صدورهم؛ لأنهم محسوبون أو حسبوا أنفسهم على النهضويين فأصبح البعض مثلا «نهضة» بدون انخراط، والمشكلة الحقيقية التي أرجو من الجميع فهمها هو أنكم لا يمكن فى يوم من الأيام أن تكونوا منهم لأن النهضة قدس الأقداس والفرقة الناجية التي لا يدخلها إلا أصحاب الدم الأزرق من أبناء الجماعة.
كلامي هذا ليس بمنطق الاقصاء ضد أبناء النهضة فمنهم رجال صدقوا يرفعون راية الحق ولكن كثير منهم يمارسون سلوكيات الحزب المنحل، من خلال تنظيم مليء بالمؤامرات والأحقاد والصراعات ومحاولات تحقيق مصالح خاصة بعيدة كل البعد عن الإسلام حتى وإن نسبوا لأنفسهم أنهم من يمثل الإسلام فقط بمجرد حمل بعض الشعارات التي تخفي وراءها نهم وجشع كبيران للسلطة وطاقة رهيبة للعمل ليلا نهارا للحفاظ عليها بدل إنقاذ البلاد.
فهل اظلم إن قلت لا يتقبّل الجماعة وأنصارها الرأي المخالف، بل غالباً ما يبدءون بكيل تهم الخيانة والماضي التجمعي ومعاداة الدين والعلمانية الملحدة لكل من ينتقدهم، وفي كل مرة يردون على النقد بالتذكير بنجاحهم بنتائج الانتخابات، مع أن هذا ليس مؤشراً حقيقيا لأن الشعب أعطاهم أصواته بنسبة عالية بنزعة عاطفية بل ويظن جمع من المواطنون أن انتخاب مرشح النهضة هو من مداخل التقرب لله سبحانه وتعالى.
بل نفس المواطن الصالح يرى من الحكمة الإلهية التقارب الإخواني الأميركي وتحقيق الأجندة الأميركية، قد لا يكون ذلك إيمانا منه بهذه الأجندة لكن ربما كان الغاية عنده تبرر الوسيلة لأجل الوصول للحكم وبالتالي لا تمايز بينها وبين الأجندة النهضوية الهادفة للاستفراد بالحكم.
فهل أن الجماعة التي كانت كالقمر في عيون الناس وهبطت فأظلمت المكان ورآهم الناس على حقيقتها استطاعت بخلاف الرش والعمى تحقيق وعودها للجماهير.
لم يعد خافيا أن وعود 'التغيير' التي بشر بها النهضويون في حملاتهم الانتخابية،و قد كنت واحدا منهم ومنسق إحدى حملاتهم، والمتمثلة في شعارات كـ'مشروع النهضة' و'برنامج الثورة ذو 365 نقطة'، لم يتفرع عنها مشروع سياسي متكامل، فالبرنامج الذي خاضوا به الانتخابات اتسم بالعمومية، وخلا من أي تعريف لأولويات المرحلة، أو برنامج عمل يتناول إطارا زمنيا محددا أهو لسنة أو لأربع سنين، بل تم التركيز على الشعارات كوصفه بالمشروع المتكامل الذي سينقل تونس إلى مصاف الدول المتقدمة.
ولم يستند الجماعة ـ فيما قدموه من وعود في كل مرحلة ـ إلى فهم منضبط للواقع يضبط سير العمل ويساهم في تحقيق الإنجاز ويجعل الوعود ممكنة التطبيق وبسبب هذا الفقر السياسي والمعرفة الاقتصادية، فوجئ الغنوشي وأتباعه في كل مرحلة بتحديات لم تكن في حسبانهم، ومنعهم غياب المشروع والرؤية المتكاملة من التعامل معها بفاعلية، فكانت سببا إضافيا منعهم من إنجاز ما وعدوا به، ثم كان أن تذرعوا بوجود هذه التحديات لعدم الإنجاز، مع أن وجودها معلوم سابق لإطلاق الوعود، ومن ثم فالتذرع بها هو عذر أقبح من ذنب.
لقد انتظر الناس منهم الوفاء بوعود علاج المشكلات الاقتصادية وإنجاز بعض مطالب الثورة، ولكن لم يظفروا جراء سياسة العمى المتبعة سوى البؤس والتمزق الوطني والاحتراب السياسي وغياب أي رؤى اقتصادية وإحباط شعبي غير مسبوق وشماتة الكارهين للربيع العربي وحكومة فاشلة حتى لا نقول وصف آخر وغياب اليقين بالمستقبل وشعور بالخوف على تونس بدأ يتسلل إلى الجميع، ثم بعد ذلك إذا وقفت وقلت يا ناس راجعوا أنفسكم وأنقذوا الوطن واخرجوا من عباءة الجماعة والشيخ إلى رحابة الوطن، يقولون لك: ما الذي غير كلامك وموقفك؟!!، لقد كنا نعلم ونرصد مظاهر الخلل والفساد السياسي التي تتنامى منذ حادثة 9 أبريل وقلنا لعل الأوضاع تنصلح، لكنّا فوجئنا بأننا أمام رئيس وحكومة أسيران أمام وحش ملتهم للسلطة، هو لا يتصور أنه رئيس حزب، يتصرف كمرشد تنظيم ديني بكل رؤاه وحساباته وأفقه الضيق ومصالحه ورجاله وشهوته الطاغية للهيمنة وإقصاء الآخرين، ومنذ اللحظة التي فتح فيه الجبالي دولاب الدولة وسلم مفاتيحه لنفوذ جماعته، وبدأ يتحول من رئيس لحكومة تونس إلى أسير مرشد النهضة، والناس تفهم والناس ترصد والناس تشعر والناس ليست بالغباء الذي يتصوره كبار شخصيات النهضة في استعلائهم وكبرهم، فبدأت رحلة الانفضاض من حولهم، وكل يوم يخسرون قطاعًا من الشعب، وكل يوم تتآكل مساحة حركتهم، وكل يوم يفقدون جزءًا من قدرتهم على إدارة الدولة، أضف إلى ذلك التخبط في قرارات والرجوع عنها لأن "المطبخ" الذي كان يعتمدون عليه مطبخ هواة ومغامرين، وليس مطبخ كفاءات قانونية وسياسية تتعامل بمنطق الدولة.
مشكلتنا اليوم أننا شعب يسهل انقياد عقوله لما يريده ذاك الزعيم أو ما تقوله تلك الجماعة، فقولهم ممتزج بعاطفة وطنية أو دينية قد أحسنوا اللعب عليها فغدت مخالفتهم إما خيانة وإما كفراً. وصار حال من أراد التفكير كفرد من قطيع ابتعد عنه فصار صيداً سهلاً لجماعة الضباع المسلحة بمخالب التكفير والخيانة.
ولكن أقولها للمرة الآلف أننا لم نخلق لنرضى الخلق بل لنرضي خالقنا.. والإسلام لا يمثل النهضة والنهضة لا تمثل الإسلام.
وخلاصة القول: نحن لا نعادي النهضة بل نحن ضد سياستها.
تابع القراءة ←

الثلاثاء، 12 فبراير 2013

رسالة إلى المرشد...

رسالة إلى المرشد...
 
 
ميدل ايست أونلاين
بقلم: عصام الدين الراجحي
يوم نالت تونس استقلالها تساند الوجه التغريبي بالوجه الاستبدادي للدولة الناشئة بعد أن تمكّنت النخبة التغريبية الحاكمة من بلورة معالم دولة سلطوية تلغي دور المجتمع وثقافته الأصيلة ومؤسساته المدنية ممّا أحدث بالتدرج اختلال توازن بين الدولة/الحزب/الفرد من جهة والمجتمع من جهة أخرى مما أفرز نظام سياسيا أقل ما ينعت به أنه بوليسي فردي مركزي يتركّز حول شخص رئيس الدولة تشاركه النفوذ من وراء ستار جملة من مراكز النفوذ المتصارعة تتجمع حولها فعاليات سياسية وثقافية انتهازية وذلك بعد أن أصبح الحزب الحاكم لا يمثّل إلاّ إطارا شكليا ينتمي إليه الناس رغبة ورهبة، انتماء ذا طابع تأميني وانتهازي لا سياسي.
هذه بعض من كلمات سبق أن حبرتها سيدي المرشد، قارب وصفك للنظام السابق عين الصواب ولكن هل نظامك اليوم وأنت الماسك بزمامه لا يماهيه مع فارق المرجعية؟... هو لا يختلف كثيرا عن سابق ما كتبته وكأنك بقدر ما كنت تنقد كنت تنظّر لما يراه الكثير اليوم ، زعيم وجد أن ما لا يدرك عن طريق التنظيم العسكري والعمل السري المسلح يمكن أن يدرك عن طريق صناديق الاقتراع، سيطرة على مؤسسات الدولة باسم الديمقراطية واختراق مكشوف وسريع لأجهزتها سعيا لإعادة إنتاج نظام سابق جديد قائم على الهيمنة والإقصاء وعانى منه الجميع بما في ذلك أنتم. كأن الديمقراطية في عرفك تعنى أن تركب النهضة فوق ظهور التونسيين بداعي أنها حزب الأغلبية، وهو ما يضمن لمن يملك قوة الحشد أن يترجم ذلك بالإستيلاء على أجهزة الدولة وخاصة الأمنية منها مع استعداد لانقلاب على اللعبة الديمقراطية التي أتت بكم أو تفصيلها على مقاسكم تحديدا ليصبح الحكم بإسم الله.
من منطلق الأمانة، ومن منطلق النصيحة لله أقول لك: اتق الله… اتق الله في تصريحاتك... في أفعالك وفي أبناء وطنك، كأنني بك لم تتعلم من مأساة التسعينات بعد أن ساهمت في إسقاط بورقيبة بل عجٌلت بإسقاطه دون أن يكون لحزبك نصيب من الإرث سوى الجراح البليغة، وجعلت من إخوانك كبش فداء عمليتك الانقلابية الثانية سواء الذين كانوا في السجون الضيقة أو الواسعة،أو الذين شردوا في كافة أنحاء العالم، والذين تجرعوا مرارة الألم سابقا وقساوة حكومتك اليوم بنكران نادر الوجود.
سيدي المرشد لن ينسى أبناء الوطن أنك كنت بحماقتك الانقلابية محرض بن علي لكبت الشعب وقمعه وسبب مباشر لضياع عقدين من الزمن، بين الدكتاتورية والتفقير في حين كنت جنابك تتمتع بنقاهة الملوك في العواصم الأوروبية وها أنت تعيد الكرة بلا أسف... ولا حسرة على ما تواجهه بلادنا اليوم من مستقبل مجهول، ونفق مظلم وطوق شديد من شيعتكم لجرّنا لصولة الطغيان.
هل تستطيع أن تنكر سيدي المرشد أن التونسيين متخوفون من مستقبل اقتصادي واجتماعي يعيد تكرار تجربة التجمع تحت شعارات دينية، أو نظام بن علي بلحية وفقا مقولات الكثيرين، نحن على مشارف أزمة رهيبة - حتى لو تجاوزنا مشكل التعديل الوزاري - ستصبح بموجبها تونس شبحاَ مخيفاَ بعد ما كانت منذ ثورة الحرية كياناَ صلباَ يفتخر به الأبناء ويتودد إليه الأصدقاء ويقرأ له الأعداء ألف حساب.
عموم مريديك يثقون في فتاويك السياسية، وهذا ليس عيباً في حد ذاته، لكن العيب - وهذا هدفك - في تأييدهم المطلق لكل ما يصدر عنك من تصريحات ومواقف، رغم التناقض البين والصارخ بينها.. يتضح هذا للناس.. إذا قلت شيئاً، قال عموم النهضة: آمين.. وإذا قيل عكسه بعد يوم أو بعض يوم، قالوا: آمين.. هو الولاء في أبهى حلة للجماعة على حساب الوطن.
التبرير هو سيد الموقف.. أيها السيد دافع عما تقوله، لكن بوعي وتبصر.. ناقش واستمع إلى ما يقوله منتقدوكم ومخالفوكم، فليس كل ما يقولونه خطأ، كما أن كل ما تقوله ليس صواباً.. إن الحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق الناس بها، كما جاء في الحديث الشريف..
فلتعذرني...لا أراك أخذا بالنصيحة سيدي، أقول طفح الكيل ونحن نرى تونس ضحية مؤامراتك وغريزتك اللامتناهية للسلطة، أراك تجني على نفسك ومن وراءك شيعتك عندما استعجلت الأمر فأرادت أن تزرع وتحصد وتأكل الثًمار في زمن واحد ولكن لن تنجح... ولو جيشت الملايين وانت القادر الذي مهد لظهور ميليشيات موازية تحرض على العنف والتقتيل.
لن نطلب منك الكثير سوى الرحيل بصمت من النهضة ومن السياسة، هم في حزبك ليسوا في حاجتك والوطن أكبر مني ومنك،لا تستكثر على ملايين التونسيين خبرا لطالما انتظروه بشغف بما فيهم رجال وطنيون من النهضة عاهدوا الله على كلمة سواء بينهم لا أراك تستسيغها "إني أحبك يا وطني".
اتقي الله، فمن السيء أن يكون تخريب الوطن هو ثمن رغبتك في السيطرة على الدولة.
في الختام أنتظر سباب أتباعك وقطيعك ووصفهم لي بأبشع النعوت مادمت تطاولت على القامة الكبرى علامة زمانه كما يقول بسيس عصره فتحي العيوني ولكن اسمح لي سيدي المرشد، راشد الغنوشي، رضي الله عنك أن أقول لك أنني إسلامي تونسي ولكنك لا تمثلني.
تابع القراءة ←

الجمعة، 1 فبراير 2013

مقالي الأسبوعي في ميدل ايست أونلاين: بين فكي الدولة العميقة و الجهاز السري... تونس الى أين ؟


بقلم: عصام الراجحي
يوما تلو الآخر يصحو التونسيون على ضجيج صراع الديكة المنتشين بخطب زعماتهم و انتصارتهم الوهمية.
مشهد نجح عرّابي السياسة في حبكه  في إطار مسلسل الاستقطاب الثنائي ، لولاهم ما كنا لنشاهد الشعب التونسي في حالة التموضع القصري بين هذا و ذاك ، و ليته كان بين الحق والباطل وان استماتا كلاهما في وصف نفسه بالقوة الخيرة التي تعمل على تحقيق أهداف الثورة .
يرى كثير من التونسيين أن خيوط اللعبة في تونس يحركها حركتا النهضة و نداء تونس ولكن الغالب على الظن أن الأصل في الشيء أوله ، فأزرار الرموت كنترول  بقيت في يد الدولة العميقة اللاعب الرئيس في تشكل النداء على الرغم من تجميله ببعض الوجوه اليسارية والحقوقية ،ينافسه على دفة القيادة الجهاز السري للنهضة الذي اكتسح مفاصل الدولة من وزارات و دواوين ومستشارين وإدارات واضعا نصب عينيه دك أكثر ما يمكن من حصون العدو لا للإصلاح وإنما لتثبيت خزان احتياطي سيأتي دوره في قادم الأيام .
 تونس اليوم سادتي في خطر داهم بين فكيي الجهاز السري و الدولة العميقة في وصف لحالة الصراع الخفي داخل الدولة الغير موجود للأفراد العاديين  أو يسمعون عنه، هذه الدولة العميقة تجمعها المصالح المشتركة بين أصحاب السلطة والمال والأمن تحرص على بقاء النظام القديم بكل ما فيه لأن بقائها هو بقاء لها ولمصالحها و يمتد تأثيرها وتشعبها ليصل إلى كافة أصحاب السلطة حتى أصغر موظف بمؤسسات الدولة .هذا البناء الذي تمثل البيروقراطية أساساً له يحاول أن يدير شؤون البلاد بصرف النظر عن الحزب الذي يحكم من خلال مصالح ورؤى مشتركة و مترابطة تدفع أموال طائلة من أجل الحفاظ على امتيازاتها ومكتسباتها و دائما ما كانت في الأيام الماضية وراء الانفلات الأمني وجميع الأزمات . 
على الطرف النقيض جهاز عاد للتشكل في أول أيام فوز الحركة بالوزارة فقد كان للنهضة جهاز امني سري ينسق مباشرة مع زعيم  الحركة، كان محمد شمام مشرفا على هذا الجهاز إلى جانب المنصف بن سالم وزير التعليم العالي حاليا و السيد الفرجاني مستشار الوزير الحاكم بأمره اليوم في وزارة العدل  والذي خطط لانقلاب 8 نوفمبر 1987 بمعية السابق ذكرهم واطلاع كامل من القيادة .                           
كما يتوزع مجموعة من أفراد التنظيم داخل الوزارات  كالرجل القوي محمد بن سالم وزير الفلاحة وبلقاسم الفرشيشي مستشار الجبالي و الطاهر بوبحري الذي كان يتولى مهمة التنسيق داخل الجهاز العسكري الخاص بين العناصر التي بقيت في الداخل والأخرى التي لاذت بالفرار في بداية التسعينات ، ويشغل الآن نفس المهمة تقريبا حيث يتولى التنسيق بين الحكومة وتنظيم الحركة ويحتل مكتبا بقصر الحكومة بالقصبة، في حين يتولى منير قلوز احد قدماء الجهاز الخاص مهمة الملحق البرلماني والمدير التنفيذي لكتلة النهضة في المجلس ويسهر على التنسيق بين المجلس التأسيسي وتنظيم الحركة بالإضافة إلى آخرين ...
ولن تكون وزارة الداخلية بمنأى عن هذا الاختراق ، فكل الطبقة السياسية تروج أن قدماء التنظيم  هم المتحكمون في قاعة العمليات اليوم و يواجه كثير من مستشاري الوزير احتجاجات من نقابات الأمن على خلفية محاولاتهم تسيس الأمن الجمهوري  و تخطيطهم لعودة شاكلة جديدة من البوليس السياسي .
قد يتفق معظم التونسيين على ضرورة اجتثاث بقايا الدولة العميقة و لكن ليس على حساب الوطن فهذه  الخطوات إن صحت ستؤدي نحو ابتلاع الدولة في رحم الجماعة وتشكيل دولة عميقة جديدة ،فنحن لا نشكك في شرعية الحكومة بقدر ما ننظر بريبة لتحركات البعض و محاولاتهم الضغط على رئيس هذه الحكومة و حبس أنفاسه وعرقلة محاولاته للإصلاح بشكل يظهر جليا في اختيار القيادات القريبة في الإدارة على نحو يضمن الولاء للحركة و شيخها ضمن إستراتيجية محكمة تتبعها لترسيخ أقدامها من المبكر تحديد معالمها في الوقت الراهن، وان كانت بعض المؤشرات تلمح إلى مساع للحفاظ على السلطة لأكبر وقت ممكن بما يعوض طول فترة الاضطهاد السياسي الذي عانوه في الماضي .
http://www.middle-east-online.com/?id=148338
تابع القراءة ←
;