الثلاثاء، 12 فبراير 2013

رسالة إلى المرشد...

رسالة إلى المرشد...
 
 
ميدل ايست أونلاين
بقلم: عصام الدين الراجحي
يوم نالت تونس استقلالها تساند الوجه التغريبي بالوجه الاستبدادي للدولة الناشئة بعد أن تمكّنت النخبة التغريبية الحاكمة من بلورة معالم دولة سلطوية تلغي دور المجتمع وثقافته الأصيلة ومؤسساته المدنية ممّا أحدث بالتدرج اختلال توازن بين الدولة/الحزب/الفرد من جهة والمجتمع من جهة أخرى مما أفرز نظام سياسيا أقل ما ينعت به أنه بوليسي فردي مركزي يتركّز حول شخص رئيس الدولة تشاركه النفوذ من وراء ستار جملة من مراكز النفوذ المتصارعة تتجمع حولها فعاليات سياسية وثقافية انتهازية وذلك بعد أن أصبح الحزب الحاكم لا يمثّل إلاّ إطارا شكليا ينتمي إليه الناس رغبة ورهبة، انتماء ذا طابع تأميني وانتهازي لا سياسي.
هذه بعض من كلمات سبق أن حبرتها سيدي المرشد، قارب وصفك للنظام السابق عين الصواب ولكن هل نظامك اليوم وأنت الماسك بزمامه لا يماهيه مع فارق المرجعية؟... هو لا يختلف كثيرا عن سابق ما كتبته وكأنك بقدر ما كنت تنقد كنت تنظّر لما يراه الكثير اليوم ، زعيم وجد أن ما لا يدرك عن طريق التنظيم العسكري والعمل السري المسلح يمكن أن يدرك عن طريق صناديق الاقتراع، سيطرة على مؤسسات الدولة باسم الديمقراطية واختراق مكشوف وسريع لأجهزتها سعيا لإعادة إنتاج نظام سابق جديد قائم على الهيمنة والإقصاء وعانى منه الجميع بما في ذلك أنتم. كأن الديمقراطية في عرفك تعنى أن تركب النهضة فوق ظهور التونسيين بداعي أنها حزب الأغلبية، وهو ما يضمن لمن يملك قوة الحشد أن يترجم ذلك بالإستيلاء على أجهزة الدولة وخاصة الأمنية منها مع استعداد لانقلاب على اللعبة الديمقراطية التي أتت بكم أو تفصيلها على مقاسكم تحديدا ليصبح الحكم بإسم الله.
من منطلق الأمانة، ومن منطلق النصيحة لله أقول لك: اتق الله… اتق الله في تصريحاتك... في أفعالك وفي أبناء وطنك، كأنني بك لم تتعلم من مأساة التسعينات بعد أن ساهمت في إسقاط بورقيبة بل عجٌلت بإسقاطه دون أن يكون لحزبك نصيب من الإرث سوى الجراح البليغة، وجعلت من إخوانك كبش فداء عمليتك الانقلابية الثانية سواء الذين كانوا في السجون الضيقة أو الواسعة،أو الذين شردوا في كافة أنحاء العالم، والذين تجرعوا مرارة الألم سابقا وقساوة حكومتك اليوم بنكران نادر الوجود.
سيدي المرشد لن ينسى أبناء الوطن أنك كنت بحماقتك الانقلابية محرض بن علي لكبت الشعب وقمعه وسبب مباشر لضياع عقدين من الزمن، بين الدكتاتورية والتفقير في حين كنت جنابك تتمتع بنقاهة الملوك في العواصم الأوروبية وها أنت تعيد الكرة بلا أسف... ولا حسرة على ما تواجهه بلادنا اليوم من مستقبل مجهول، ونفق مظلم وطوق شديد من شيعتكم لجرّنا لصولة الطغيان.
هل تستطيع أن تنكر سيدي المرشد أن التونسيين متخوفون من مستقبل اقتصادي واجتماعي يعيد تكرار تجربة التجمع تحت شعارات دينية، أو نظام بن علي بلحية وفقا مقولات الكثيرين، نحن على مشارف أزمة رهيبة - حتى لو تجاوزنا مشكل التعديل الوزاري - ستصبح بموجبها تونس شبحاَ مخيفاَ بعد ما كانت منذ ثورة الحرية كياناَ صلباَ يفتخر به الأبناء ويتودد إليه الأصدقاء ويقرأ له الأعداء ألف حساب.
عموم مريديك يثقون في فتاويك السياسية، وهذا ليس عيباً في حد ذاته، لكن العيب - وهذا هدفك - في تأييدهم المطلق لكل ما يصدر عنك من تصريحات ومواقف، رغم التناقض البين والصارخ بينها.. يتضح هذا للناس.. إذا قلت شيئاً، قال عموم النهضة: آمين.. وإذا قيل عكسه بعد يوم أو بعض يوم، قالوا: آمين.. هو الولاء في أبهى حلة للجماعة على حساب الوطن.
التبرير هو سيد الموقف.. أيها السيد دافع عما تقوله، لكن بوعي وتبصر.. ناقش واستمع إلى ما يقوله منتقدوكم ومخالفوكم، فليس كل ما يقولونه خطأ، كما أن كل ما تقوله ليس صواباً.. إن الحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق الناس بها، كما جاء في الحديث الشريف..
فلتعذرني...لا أراك أخذا بالنصيحة سيدي، أقول طفح الكيل ونحن نرى تونس ضحية مؤامراتك وغريزتك اللامتناهية للسلطة، أراك تجني على نفسك ومن وراءك شيعتك عندما استعجلت الأمر فأرادت أن تزرع وتحصد وتأكل الثًمار في زمن واحد ولكن لن تنجح... ولو جيشت الملايين وانت القادر الذي مهد لظهور ميليشيات موازية تحرض على العنف والتقتيل.
لن نطلب منك الكثير سوى الرحيل بصمت من النهضة ومن السياسة، هم في حزبك ليسوا في حاجتك والوطن أكبر مني ومنك،لا تستكثر على ملايين التونسيين خبرا لطالما انتظروه بشغف بما فيهم رجال وطنيون من النهضة عاهدوا الله على كلمة سواء بينهم لا أراك تستسيغها "إني أحبك يا وطني".
اتقي الله، فمن السيء أن يكون تخريب الوطن هو ثمن رغبتك في السيطرة على الدولة.
في الختام أنتظر سباب أتباعك وقطيعك ووصفهم لي بأبشع النعوت مادمت تطاولت على القامة الكبرى علامة زمانه كما يقول بسيس عصره فتحي العيوني ولكن اسمح لي سيدي المرشد، راشد الغنوشي، رضي الله عنك أن أقول لك أنني إسلامي تونسي ولكنك لا تمثلني.
تابع القراءة ←

الجمعة، 1 فبراير 2013

مقالي الأسبوعي في ميدل ايست أونلاين: بين فكي الدولة العميقة و الجهاز السري... تونس الى أين ؟


بقلم: عصام الراجحي
يوما تلو الآخر يصحو التونسيون على ضجيج صراع الديكة المنتشين بخطب زعماتهم و انتصارتهم الوهمية.
مشهد نجح عرّابي السياسة في حبكه  في إطار مسلسل الاستقطاب الثنائي ، لولاهم ما كنا لنشاهد الشعب التونسي في حالة التموضع القصري بين هذا و ذاك ، و ليته كان بين الحق والباطل وان استماتا كلاهما في وصف نفسه بالقوة الخيرة التي تعمل على تحقيق أهداف الثورة .
يرى كثير من التونسيين أن خيوط اللعبة في تونس يحركها حركتا النهضة و نداء تونس ولكن الغالب على الظن أن الأصل في الشيء أوله ، فأزرار الرموت كنترول  بقيت في يد الدولة العميقة اللاعب الرئيس في تشكل النداء على الرغم من تجميله ببعض الوجوه اليسارية والحقوقية ،ينافسه على دفة القيادة الجهاز السري للنهضة الذي اكتسح مفاصل الدولة من وزارات و دواوين ومستشارين وإدارات واضعا نصب عينيه دك أكثر ما يمكن من حصون العدو لا للإصلاح وإنما لتثبيت خزان احتياطي سيأتي دوره في قادم الأيام .
 تونس اليوم سادتي في خطر داهم بين فكيي الجهاز السري و الدولة العميقة في وصف لحالة الصراع الخفي داخل الدولة الغير موجود للأفراد العاديين  أو يسمعون عنه، هذه الدولة العميقة تجمعها المصالح المشتركة بين أصحاب السلطة والمال والأمن تحرص على بقاء النظام القديم بكل ما فيه لأن بقائها هو بقاء لها ولمصالحها و يمتد تأثيرها وتشعبها ليصل إلى كافة أصحاب السلطة حتى أصغر موظف بمؤسسات الدولة .هذا البناء الذي تمثل البيروقراطية أساساً له يحاول أن يدير شؤون البلاد بصرف النظر عن الحزب الذي يحكم من خلال مصالح ورؤى مشتركة و مترابطة تدفع أموال طائلة من أجل الحفاظ على امتيازاتها ومكتسباتها و دائما ما كانت في الأيام الماضية وراء الانفلات الأمني وجميع الأزمات . 
على الطرف النقيض جهاز عاد للتشكل في أول أيام فوز الحركة بالوزارة فقد كان للنهضة جهاز امني سري ينسق مباشرة مع زعيم  الحركة، كان محمد شمام مشرفا على هذا الجهاز إلى جانب المنصف بن سالم وزير التعليم العالي حاليا و السيد الفرجاني مستشار الوزير الحاكم بأمره اليوم في وزارة العدل  والذي خطط لانقلاب 8 نوفمبر 1987 بمعية السابق ذكرهم واطلاع كامل من القيادة .                           
كما يتوزع مجموعة من أفراد التنظيم داخل الوزارات  كالرجل القوي محمد بن سالم وزير الفلاحة وبلقاسم الفرشيشي مستشار الجبالي و الطاهر بوبحري الذي كان يتولى مهمة التنسيق داخل الجهاز العسكري الخاص بين العناصر التي بقيت في الداخل والأخرى التي لاذت بالفرار في بداية التسعينات ، ويشغل الآن نفس المهمة تقريبا حيث يتولى التنسيق بين الحكومة وتنظيم الحركة ويحتل مكتبا بقصر الحكومة بالقصبة، في حين يتولى منير قلوز احد قدماء الجهاز الخاص مهمة الملحق البرلماني والمدير التنفيذي لكتلة النهضة في المجلس ويسهر على التنسيق بين المجلس التأسيسي وتنظيم الحركة بالإضافة إلى آخرين ...
ولن تكون وزارة الداخلية بمنأى عن هذا الاختراق ، فكل الطبقة السياسية تروج أن قدماء التنظيم  هم المتحكمون في قاعة العمليات اليوم و يواجه كثير من مستشاري الوزير احتجاجات من نقابات الأمن على خلفية محاولاتهم تسيس الأمن الجمهوري  و تخطيطهم لعودة شاكلة جديدة من البوليس السياسي .
قد يتفق معظم التونسيين على ضرورة اجتثاث بقايا الدولة العميقة و لكن ليس على حساب الوطن فهذه  الخطوات إن صحت ستؤدي نحو ابتلاع الدولة في رحم الجماعة وتشكيل دولة عميقة جديدة ،فنحن لا نشكك في شرعية الحكومة بقدر ما ننظر بريبة لتحركات البعض و محاولاتهم الضغط على رئيس هذه الحكومة و حبس أنفاسه وعرقلة محاولاته للإصلاح بشكل يظهر جليا في اختيار القيادات القريبة في الإدارة على نحو يضمن الولاء للحركة و شيخها ضمن إستراتيجية محكمة تتبعها لترسيخ أقدامها من المبكر تحديد معالمها في الوقت الراهن، وان كانت بعض المؤشرات تلمح إلى مساع للحفاظ على السلطة لأكبر وقت ممكن بما يعوض طول فترة الاضطهاد السياسي الذي عانوه في الماضي .
http://www.middle-east-online.com/?id=148338
تابع القراءة ←
;